Saturday, July 12, 2008

الفار دة مسيحي

بقلم اشرف عبد القادر
حكاية كلما تذكرتها أضحك، وأكتب هذا المقال وأنا أضحك، ولعل القراء سيقرأونه وسيضحكون، فشر البلية ما يضحك، كما يقول المثل العربي، والحكاية حكتها لي أختي وهي تعمل مهندسة زراعية، من أن إحدى زميلاتها في العمل تركت مصحفها في مكتبها، حيث تقرأ كل أخت مسلمة جزءاً من القرآن في أوقات العمل لتنال الأجر والثواب من الله، وتترك أشغال وأعمال الناس التي تقبض راتبها من أجله، ولم يقف الأمر عند الأخوات المحجبات والمنقبات وحسب بل في كل مكاتب مصر الآن تجد كل موظف قد طالت لحيته، ومعه مصحفه لا يفارقه يقرأ فيه القرآن في أوقات عمله، ناهيك عن تركه العمل لأداء الصلاة والوضوء، كما أوضحت ذلك في مقالي السابق "مصر دولة متأسلمة" متواكلين على الله لا متوكلين عليه، لأن الله ورسوله حثا على العمل قبل العبادة ، والويل كل الويل لمن ينتقد هذا الوضع، أو يقول يا أخي ويا أختي هذا مكان عمل وليس مسجداً لقراءة القرآن أو للعبادة، هنا ستنعت بالكفر، وسيقولون لك: أوليس ذلك أفضل من مشاهدة التلفزيون والفضائيات والفسق والفجور ونناسي عجرم وهيفاء وهبي ومباريات كرة القدم، وستدخل نفسك في دوامة لن تخرج منها إلا مهدور الدم لأنك كافر.

وأكمل الحكاية: ذات يوم نسيت إحدى زميلات أختي مصحفها في المكتب ولم تضعه في حقيبتها (للبركة، وليحفظها من الشيطان ومن الاغتصاب في الشوارع كما يزعمون)، وكان الجميع يعرف أن في المكتب فأر؛ لأنهم يجدون آثاره على المكاتب، وفي اليوم الذي نسيت فيه زميلتها المصحف في المكتب، قرضه فأر مكار "كافر"، وجن جنون صديقة أختي في اليوم التالي وهي تفتح مكتبها لتجد أن مصحفها قد قرضه فأر لعين، فصرخت بأعلى صوتها جامعة كل زميلاتها من أن "الفار اللي في المكتب مسيحي... والله العظيم مسيحي"، فاجتمع الجميع ليعرف الخبر وهي تكمل: "مش ممكن فار مسلم يأكل القرآن، دا فار مسيحي...".

فهل هناك فئران مسلمة وأخرى مسيحية ويهودية؟ وهل الفئران تقرأ لتعلم أن هذا قرآن أو هذا إنجيل أو توراه؟! فيبدو أن نظرية المؤامرة التي نحن مسكونون بها لم تقف عند بني الإنسان بل، امتدت إلى عالم الحيوان والقوارض أيضاً، فهناك الآن مؤامرة من الفئران المسيحية بقرض مصاحف المسلمين للقضاء على إسلامهم، ولا أعرف هل تم ذلك بعلم الكونجرس وجورج بوش أم أن ذلك تم من وراء ظهورهم، وهل هناك دخل للـ (إف . بي . آي) أم أن الموساد هو الذي وراء ذلك، ولماذا لا يكون هذا الفأر يهودياً؟ أو ربما تم ذلك بالاتفاق المسيحي اليهودي، من "أولاد القردة والخنازير" كما ينعتوهم، أي بتخطيط من الموساد والـ (إف بي آي
إن الأمر لمؤسف ومحزن في مصر، إنك تمشي في شوارع القاهرة الآن وتشعر أنك في كابول أو طهران، فجرثومة التأسلم سرت في كل أنحاء مصر سريان النار في الهشيم، ومظاهر الشعوذة انتشرت من لحى وحجاب ونقاب في كل مكان، وأصبح كل من لا يسبق كلامه بإن شاء الله، أو بإذن الله، وينهيه بالحمد لله رب العالمين، يصبح من المخالفين للشريعة والإسلام. البنوك إسلامية، الفضائيات إسلامية، رنات المحمول أصبحت إسلامية، الرد على المحمول يكون بالسلام عليكم، الساعات في الحوائط ترفع الآذان في أوقات الصلاة، تأخذ تاكسي تجد السائق يضع القرآن مباشرة ودون استئذان، والأدهى أنه حتى في المواصلات العامة تجد القرآن دائماً يقرأ، في عيادات الطبيب تجد إما فضائية إقرأ أو تلاوة القرآن، حتى أنك عندما تسأل أحد المتأسلمين عن شيء حدث منذ سنين طويلة مثل: هل أخذت الثانوية العامة؟ يجيبك أخذتها إن شاء الله، وكأن لا إرادة ولا مشيئة لنا في أي شيء، فهم بذلك يقرون مبدأ الجبرية في الأفعال الذي هو أس عبوديتنا للحكام (وسأخصص لهذا الموضوع مقالاً خاصاً) وإذا كان الأمر كذلك من جبرية الأفعال، فلماذا نُسأل عن أفعالنا؟ طالما كل شيء مكتوب من قبل وما نحن إلا أدوات تنفيذ لمسرحية تم كتابتها من قبل؟
عندما كنت أقضي إجازتي في مصر في شهر رمضان الكريم في السنة الماضية، طلبت من إمام المسجد الذي يبعد عن منزلي عشرة أمتار ألا يصلى صلاة التهجد في الميكروفون، لأن هذه الصلاة ممدودة طوال الليل، والميكروفون يزعج أولادي ويوقظهم من النوم، فيكفي الآذان وصلاة العشاء بل وصلاة التراويح، فما الداعي لصلاة التهجد في الميكروفون أيضاً؟! فما كان منه إلا أن غضب مني، وقال بعصبية: ماذا جرى لك يا شيخ أشرف؟ هل لأنك مقيم في فرنسا ستعلمنا أمور ديننا؟ فقلت له يا أخي: أنا لا أعلمك أمور ديننا، لم أقل لك لا تصلي، ولم أشكك في الصلاة؟ فهل كان في أيام الرسول والصحابة، رضوان الله عليهم، ميكروفونات؟ أم أن بلال كان يؤذن للصلاة من فوق جزع نخلة بصوت هادئ عذب؟ ووالله إن بعض أصوات المؤذنين مزعج فعلاً، فهو ليس نداء هادئ للصلاة بل صراخ مزعج، خاصة في صلاة الفجر، وما ذنب إخوتنا في الله والوطن "الأقباط" أن نوقظهم كل يوم في كل فجر على صوت الآذان؟ وما الموقف لو دقوا هم أجراس كنائسهم وأزعجوا نومنا نحن المسلمين؟ فقال: لا.. يبدو أن أورةبا أثرت عليك؟

بالطبع أوروبا أثرت عليّ للأفضل، أوروبا خلصتني من نرجسيتي الفردية، أوروبا عرفتني أننا لسنا وحدنا في العالم، أوروبا علمتني أن احترامي للآخر المخالف هو احترام لذاتي أولاً، وأن أعطي نفس الحقوق للآخر التي أطالب بها لنفسي، لأن هذا هو العدل، وأن اسم من أسماء الله هو "العدل" فمتى سنعدل ونعتدل في تصرفاتنا وأقوالنا وأفعالنا وديننا ولا نغالي فيه؟ ونعطي للآخرين ما نطالب به لأنفسنا، ونعرف أننا لسنا وحدنا في هذا العالم، وأن من حق الجميع أن يعيش في سلام، ونتخلص من وهم نظرية المؤامرة المنصوبة لنا من الغرب وإسرائيل، حتى وصل هوسنا إلى الظن بتآمر الفئران المسيحية وربما اليهودية أيضاً ضدنا!؟

وأختتم مقالي بقول الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله / عار عليك إذا فعلت عظيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها / فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

9 comments:

AmiroZ said...

الموضوع ده جابه حسن الهلالى فى مدونته من فترة....
اللذيذ إن المدونة مختفية دلوقتى ومش عارف ألاقيها!!!!!!!!!! يا ترى جرالها إيه؟؟؟؟؟؟

AmiroZ said...

مدونة حسن الهلالى تعرضت للإختراق والحذف!!!!!

هل هكذا تكون الحرب إذاً؟
http://elnaswiel3alam.blogspot.com/2008/07/blog-post_11.html

حسن الهلالى
http://hartaka.blogspot.com/2008/07/blog-post_12.html

حسن الهلالي.. مدونة قاهر الحجاب/ مكتبة تحترق
http://matarmatar.blogspot.com/2008/07/blog-post_12.html

Anonymous said...

عزيزتي

تعرفت علي مدونتك من خلال مدونه صديقي
the alien

شوفي انا عندي فوبيا من الفيران بخاف منهم موت ده اولا
:)

ثانيا و الله الموضوع كوميدي حتي الفيران بقم بيصنفوها و يقولوا فيران مسلمه و فيران مسيحيه الناس بجد اتجننت و خلاص فقدت السيطره علي عقولها

بخصوص ارتفاع صوت المؤذنين دي ظاهره و واحد زميلي في المنطقه اللي ساكن فيها جامع مش قريب منه اوي لكن الميكروفونات بتكون عاليه اوي فلما حب انه يقولهم ياجماعه فيه ناس بتكون نايمه او تعبانه او بتذاكر خاللوا الصوت علي قدكم مش لازم الجعوره العاليه دي الرد دايما جاهز استغفر الله العظيم ماتقولش كده
يعني مفيش احترام حتي للناس تمام زي ماتركبي ميكروباص و تلاقيه معلي الصوت علي اخره و مشغل قران
طيب ياعم فيه ناس معاك ممكن تكون مسيحيه ممكن تكون مصدعه
للاسف مفيش مراعاه لأي انسان تاني
معلش طولت بس موضوعك شدني و حبيت اعلق عليك
تحياتي ليكي علي اثاره الموضوع الهام

على باب الله said...

حتي الفيران بقت مسيحي و مسلم و يهودي . ده عبط أصلي

---
و تخيل بقي لو كان اللي إقترح علي الشيخ ده أنه يصلي صلاة التهجد من غير ميكروفون ده إنسان مسيحي ؟

-----

Migo Mishmish said...

حمدلله عالسلامة
دانا قولت انك قفلتي المدونة من زمان
انا بس ليا تعليق على موضوع الميكروفونات ده
عارفة مش مهم عندك امتحان ولا مش مهم نايمة ولا مش مهم ان كل جامع جنبه جامع. زي ما يكونوا اتفقوا انهم يعلوا الميكروفونات لدرجه انك تحسي ان ودنك هاتقع. وكان عند بيت ماما جامع غريب قوي الراجل يفتح الميكروفون على اذاعه القرأن بس المشكله انه كان بيفتحه قبل ما يجب المحطة فتلاقي الوش بتاع الراديو ده لوحدة يخنق
ومش ينسقوا مع بعض مثلاً ان واحد بس هو اللي يصلي في الميكريفون ويبدلوا مع بعض لا كل كلهم بيبداوا ورا بعض بقارق دقيقة. فبيبقوا عاملين زي الضمنة لما تزقي واحدة كله يقع
بس عارفه لما نزلت ادور على الشقة اللي هتجوز فيها كنت بنزل ساعه صلاة الجمعه او اي ادان علشان اعرف ايه وضع العمارة من الميكروفونات والحمدلله في شارعنا مفيش غير جامعين اتني وميكروفونين اتنين فالوضع مابيقاش سيء قوي.
ما تغبيش قوي كدة في الكتابه
Love,
MishMish

mary victor said...

amiroz
اه مدونة حسن الهلالى مخترقة عشان فيه بعض الناس مابتعرفش تترد غير بالأساليب اللى بالمستوى دة
عموما ماعملوش حاجة لأن الحاجات اللى بيجيبها حسن موجودة و فضايحهم و تخلفهم مالى النت

mary victor said...

اجندة حمرا
فعلا الموضوع تحول لكوميديا بس من النوع الغامق

المشكلة فى الشخصيات دى يا اجندا يا اختى انهم ماشيين بإستراتيجية
my way or the high way
يعنى هما من حقهم يفرضوا كل مبادئهم و رغباتهم على باقى الخلق و يعتبروا دى حرية شخصية على اساس ان ماحدش من حقه حرية شخصية غيرهم
يوم ما حريتهم الشخصية تدوس عليكى بأة و تشتكى فكدة انتى تبقى كفرتى و خسئتى و كدة حرام

mary victor said...

على باب الله

و تخيل بقي لو كان اللي إقترح علي الشيخ ده أنه يصلي صلاة التهجد من غير ميكروفون ده إنسان مسيحي ؟

ههههههههههه
يا نهاااااااار اسود
اصلا واحد مسيحى مايتجرأش يتكلم فى حاجةزى دى
لو اتكلم هو الجانى على روحه و هيتسبب فى فتنة طائفية
و مش بعيد واحد "مختل عقليا" ياخد فيه ثواب و يروح فيه الجنة

mary victor said...

Migo Mishmish
الله يسلمك
لاء انا ماقفلتهاش
انا بس باخد اسرتاحة تلات شهور و ارجع
:)

كلامك مظبوط انا بيت ماما برضه- اللى هو لسة بيتى :)- حواليه تلات جوامع
يوم الجمعة كل واحد بيتكلم فى موضوع و من كتر ما الصوت عالى ماتقدرش تعرف هما بيقولوا ايه اصلا لأن كل واحد بيلغوش على التانى
فلو الغرض من المايكات ان اللى فى الشارع يسمعوا بالطريقة دى برضه مش هيسمعوا لأنهم بيتكلموا فى وقت واحد
و حتى لو حد عايز يشوف خطبة الجمعة او اى حاجة فى التلفزيون مش هيعرف لأن الصوت اللى جاى من الشارع اعلى من اى صوت جوا البيت حتى صوت التلفزيون